التفسير البيئي للتاريخ
بقلم الدكتور حامد العلي
جامعة بابل . كلية التربية للعلوم الانسانية. قسم التاريخ.
مما لا شك فيه ان للظواهر الجغرافية المختلفة اثر بارز في تشكيل الاحداث التاريخية. والتي كان لها. وسيكون لها في المستقبل دور كبير في ارتسام التاريخ البشري. فبحسب اصحاب هذه النظرية ان طبيعة الارض والمناخ والموقع الجغرافي لا تنفك تؤثر في تكوين الانسان وقدراته العملية وقابلياته العقلية والابداعية. وجميعها تدفع الانسان في ان يدفع بتاريخه باتجاه معين. ف (الحتمية) الجغرافية هي نواة فكرة التاريخ عند مفسري التاريخ على اساس جغرافي.
فلا مناص من القول ان التاريخ في كثير من حقبه حبيس الجغرافية. لذلك قد سلم الكثير من المؤرخين على تسمية التاريخ الذي كونته او محته الجغرافية ب (التاريخ الطبيعي) . ومن هذا فان الانسان الذي يمثل اهم ركن من اركان التاريخ قد خاض بقابلياته المتوفرة ترابطية العلاقة بين البيئة الطبيعية وقدراته وسلوكه. فأفضت هذه الترابطية الى صناعة الحضارة القائمة على تاريخ الانسان التراكمي.
وان اقرارنا بحتمية الجغرافية في بناء التاريخ لا يعني تخلينا عن العلاقات الضرورية الاخرى التي اسهمت في البناء التاريخي . والمتمثلة بالعادات والتقاليد والتي هي الاخرى كانت ولا زالت وليدة تكيف الانسان مع مجتمعه.
وإذا أردنا ان نضع موضوعنا المتعلق بتأسيس مدرسة فكرية للتاريخ. علينا ان نعي جيدا. ان اساس تقدم كل فكرة في التاريخ تنطلق من المجتمع. ولعل هذا يذكرنا بقول المؤرخ ارنولد توينبي. في قوله ليس من المهم دراسة الحضارات بل المهم هو دراسة احوال المجتمعات التي افضت الى قيام ونجاح الحضارات … ونذهب هنا الى ان كل مجتمع تقوده مجموعة من القوانين. وهذه القوانين يجب ان تكون متوافقة مع طبيعة هذا المجتمع. والطبيعة هنا نقصد بها عوامل التشكيل البيئي التي ولدت لنا عادات وتقاليد سار عليها المجتمع. لذلك فعلى المشرع ان يراعي النظام البيئي للمجتمع قبل ان يفكر في تشريعاته. ومتى ما ابتعدت تلك القوانين عن قوانين طبيعة بيئتها. كان مصيرها الفشل. ومدى التوافق بينها يسهم في خلق مجتمع تتبلور لديه قابليات النجاح والابداع. ومنها يؤسس لفكرة التاريخ المقضية الى البناء الحضاري.
لاتعلیق