واقع الرهاب من الإسلام عند المجتمعات الغربية المعاصرة قوعيش شريف، أستاذ وباحث، الجزائر


 

واقع الرهاب من الإسلام عند المجتمعات الغربية المعاصرة

قوعيش شريف، أستاذ وباحث، الجزائر

اسلاموفوبيا، الرهاب من الإسلام، الخوف الغربي من الإسلام، هي مصطلحات تجسدت داخل المجتمع الغربي المعاصر ثقافة، وإعلاما، ومصيرا في الحياة اليومية، فقد كثر الحديث في وقتنا هذا عن الإسلام كظاهرة سلبية تنطوي على أفكار وافتراءات وهواجس أثرت على ذهنية الفرد الأجنبي، وانتشرت شبهات في الدين الإسلامي على أنه هو الأساس المتسبب في التطرف والفتنة التي يعاني منها العالم الغربي المعاصر، فينظر على هذا الدين منبع الخوف الذي يمنع به التواصل والتبادل والحوار بين المسلم والآخر ( المسيحي، اليهودي،….)، ونفس الإشكالية التي مازالت مطروحة مفادها من المتسبب في هذه الطاهرة؟ هل المسلم أم الدولة الإسلامية ؟ هذا هو الطرح الذي تأسس عليه المجتمع الغربي المعاصر، أما الطرح الإسلامي فيبقى في الأفق مشكلا بوادر لردود فعل ومواقف ثابتة من هذه الادعاءات .

المنهج المتبع في الدراسة:

لقد اعتمدت في هذه الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي، والاستقرائي، وذلك توضيحا لواقع الرهاب من الاسلام عند المجتمعات الغربية المعاصرة،والنظرة السلبية التي يكنها الأجنبيين ضد الدين الإسلامي.

– Iالرهاب من الإسلام في ظل مواقف المجتمعات الغربية المعاصرة (تقارير إحصائية):

ومنذ أن كتب المستشرق الغربي “هنتنجتون” بقوله ” أن مشكلة الغرب ليس مع الأصولية الإسلامية بل مع الإسلام “، ظهرت موجة من الأفكار الاستشراقية قادها إعلاميون، وكتاب، وأدباء، ورجال الدين المسيح، وحتى رؤساء الدول الغربية، وفتح المجال أمام الإعلام بشتى أنواعه من أجل تشويه صورة الإسلام وأتباعه، خاصة ضد أقليتنا المسلمة في أوروبا وأمريكا، وأضحى المجتمع الغربي المعاصر منقسم إلى اتجاهين كلاهما يكمل الآخر: الاتجاه الأول يمثله الفرد والأسرة بصفة عامة، والاتجاه الثاني تمثله مجموع الأحزاب السياسية المتطرقة أو ما يسمى بالتيار اليمين المتطرف، مثلما نجده في فرنسا من خلال ” كتلة الهوية ” (Bloc Identitaire)  والحزب المتطرف الفرنسي، وكذلك في بريطانيا من خلال إنشاء رابطة الدفاع البريطانية ضد الإسلام.

ولهذا يمكننا أن نقول أن ظاهرة الرهاب من الإسلام في العالم الغربي المعاصر اتخذت منهجا جديدا خلافا عن المنهج الجديد القائم على العدائية المباشرة منذ الحروب الصليبية، وزادت هذه الظاهرة أكثر تطورا بعد ظهور وسائل الإعلام الجديد بما فيها شبكة التواصل الاجتماعي والانترنيت، وقد ترسخت في أذهان المجتمعات الغربية شعارات تحارب بها الإسلام وتبعد هوس الخوف النفسي منه ضمنيا، وهي عبارة عن جمل معادية للدين الإسلامي مثلما يوضحه الجدول الآتي[1]:

الجملة المعادية الدانمارك بريطانيا فرنسا هولندا ايطاليا البرتغال بولندا المجر

 

كثرة المسلمون 46.1% 44.7% 36.2% 41.5% 49.7% 27.1% 47.1% 60.7%
المسلمون لهم مطالب أكثر من اللازم 54.1% 50% 52.8% 51.8% 64.7% 34.4% 62.3% 60%
الاسلام دين التعصب 52.5% 47.2% 52.3% 46.7% 60.4% 62.2% 61.5% 53.4%
توجهات المسلمين اتجاه المرأة تتعارض مع قيمنا 76.1% 81.5% 78.8% 78.2% 82.2% 72.1% 72.1% 76.8%
يجد غالبية المسلمين الإرهاب مبررا 17.1% 26.3% 23.3% 19.9 21.5% 22.4% 26% 29.6%

 

وأكثر تفصيلا للجدول ظهرت تقارير لمصادر غربية وهي عبارة عن مقالات صدرت عن صحف أجنبية تبين مدى واقع الرهاب من الإسلام عند المجتمعات الغربية المعاصرة، فمثلا نجد مقال بعنوان ” الرياح المريضة للفاشية الإسلامية” بقلم الكاتب الصحفي الأمريكي ” جيمس كارول ” الصادر ب21 جانفي 2008 بمجلتي (بوسطن غلوب، وإنترناشيونال هيرل تريبيون) يؤكد فيه أن المجتمع الأمريكي قد غزته حماسة مسيحية لتشويه صورة الإسلام، وفي صحيفة ” نيويورك تايمز ” نشر مقالا للكاتب ” نواه فيلدمان ” يقول فيه ” أن الكثير من البلدان الأوروبية الغربية اليوم، يبدو أن شيئا جديدا فظيعا يحدث، فالمقولات القديمة المعهودة ضد المهاجرين من قبل أنهم مجرمون، وأن ثقافتهم تجعلهم غير مناسبين، وأنهم يقتنصون الوظائف من السكان الأصليين، تغذي تعصبا معاديا للإسلام أخذ يكتسب صبغة مؤسسية في سياسات القارة العادية”[2] .

وفي تقرير آخر لشبكة برامج التلفزيون وصحيفة (Nederlands Dagbold) بهولندا يشير أن حوالي 65% من الهولنديين يوافقون على وجوب إيقاف بناء المساجد الكبيرة، وأنهم معظمهم متخوفون من إزاء انتشار الإسلام ببلادهم وتقويض المسيحية، وبعيدا عن التقارير وإصدارات الصحف، بينت الشعارات ضد المساجد والمراكز الإسلامية هي الأخرى مظهرا من واقع ظاهرة الرهاب من الإسلام عند المجتمع الغربي المعاصر، ففي أحد المراكز الإسلامية ﺑ”ماين” الأمريكية كتب شخص بشارع ” إندرسن ” ﺑ ” بورت لاند” يوم 02/05/2011 على جدار الواجهة الأمامية للمركز يقول فيها ” أسامة اليوم، الإسلام غدا، اذهبوا الى دياركم”، فهذا الشعار أصبح حديث كل الشعوب الغربية التي تخلط بين الإسلام كديانة وبين الأشخاص ارتبطوا بهذا الدين بطريقة أو أخرى، وتجسيدا للأفعال العدوانية نتيجة الخوف من الإسلام أصبحت المساجد عرضة للتهديد والتخريب، فذاك المسجد الواقع ﺑ(بوسيير) بالولايات المتحدة الأمريكية، قد تعرض للعبث وتلطيخ أبوابه بدماء الخنازير، وفي اليونان تعرض مسجدا آخر ﺑ(كاليتيا) للتخريب من طرف مجهولون الهوية بتاريخ 15/05/2011[3].

وإضافة إلى ذلك أصدر مؤخرا المركز التقدم الأمريكي تقريرا مفصلا يوم 26 أغسطس 2011، يتكون من 130 صفحة بعنوان ” مؤسسة الخوف: جذور شبكة الاسلاموفوبيا في أمريكا”، فقد كشف هذا التقرير أن أكثر من 42 مليون دولار تم تمويلها من طرف سبع مؤسسات من أجل تأجيج الصراع تغذيته، ومن بين هذه المؤسسات نجد:

– صندوق المانحين الرأسمالي، مؤسسات ريتشارد سكيف، مؤسسة ليند وهاري برادلي، مؤسسة راسل بيري، صندوق أنكوراج الخيري، صندوق عائلة ويليام روزوولد، مؤسسة فيربوك، مؤسسة نيوتن وروشل بيكر[4]، حيث عملت هذه المؤسسات على دعم حركة الرهاب من الإسلام بأي طريقة كانت .

– IIأحداث مرتبطة بظاهرة الرهاب من الإسلام:

1- أحداث 11 سبتمبر وذكراها:

صرح رئيس الوزراء الكندي “ستيفن هاربر” بعد أحداث 11 سبتمبر في مقابلة حصرية أجرته شبكة CBC الإخبارية حيث يقول فيه” لا يزال التهديد الرئيسي هو الاسلمة”[5]، وطلب وفق تصريحه بمتابعة المسلمين وتصرفاتهم بكندا، كما أجرى معهد بروكينغز ومعهد البحوث الدينية بأمريكا استطلاعا للرأي للمجتمع الأمريكي حول تعايش المسلمين معهم، فكانت النتيجة كالآتي:

– 45%  من الأمريكان لا يشعرون بالارتياح اتجاه المسلمين الذين يصلون في المطار .

– 41% من الأمريكان لا يشعرون بالارتياح اتجاه المعلمين المسلمين في المدارس الابتدائية.

– 46% لا يشعرون بالارتياح لوجود مسجد بقرب من منازلهم.

– 47% من الأمريكان يرون عدم الانسجام الإسلام مع قيمهم.

– 48% لا يرتاحون من ارتداء النساء للحجاب[6].

2- حادثة ” شارل إبدو”:

كانت هذه الحادثة قد أحدثت زخما عارما وردود أفعال غير مسبقة من طرف المنظمات الإسلامية على رأسهم الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي ” داود إحسان أوغلي” عندما ندد بشدة حول صحيفة” شارل إبدو” ورئيس تحريرها بعد نشر صور مسيئة الرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان هذا في أكتوبر 2011، ثم نفس الصحيفة الرسم المسيء للنبي (ص) في 19 سبتمبر 2012، وتمثل هذه الرسومات واقعا لظاهرة الرهاب من الإسلام والاستفزاز من الدين الإسلامي والمسلمين[7].

3- ارتداء الحجاب:

يعتبر اللباس الإسلامي من أهم الدوافع والمظاهر لظاهرة الرهاب من الإسلام عند المجتمعات الغربية المعاصرة، ففي الآونة الأخيرة شهدنا زخات من ردود أفعال لمسلمين رافضين قانون الحجاب الذي صدر في عدة دول أوروبية وعلى رأسهم فرنسا، فنجد كل أجنبي يرى الخمار مصدر قلق لأمن نفسه وغيره، مما يرهب الإسلام كديانة عند المسيحيين، وقد وقعت عدة أحداث بشأن هذه القضية نذكر على سبيل المثال طلب المعارضة الايرلندية للحظر النقاب والحجاب، وأخرى لمسلمة عجزت عن الحصول على الجنسية الفرنسية بسبب ارتدائها الحجاب، كما رفضت أحد الكليات الاسترالية ﺑ ( بريسبان ) استقبال طالبتين أستاذتين بسبب ارتدائهما للحجاب2، وغيرها من الحوادث التي أدخلت المسلمين في دائرة الخوف كأنهم إرهابيين.

نتائج الدراسة:

تبين من خلال هذه الدراسة استخلاص مجموعة من النتائج نحصرها فيما يلي:

– الرهاب من الإسلام ظاهرة مفتعلة من طرف المجتمع الغربي المعاصر، وحاصل لصراع قديم في ثوب جديد.

– معاناة الأقلية المسلمة في العالم الغربي من مضايقات تمس بكرامة المسلم، وتطعن في أحقية الإسلام.

– تزايد ظاهرة الرهاب من الإسلام عند الفرد الأجنبي، بالمقابل ارتفاع معدل الاعتداءات الإرهابية داخل العواصم الأوروبية والأمريكية، والنتيجة أن الإسلام والمسلمين هم الضحية؟

توصية: نوصي القائمين من منظمات إسلامية وغيرها والمهتمون بظاهرة اسلاموفوبيا، تفعيل حوار الحضارات والديانات كمبدأ أساسي لتصحيح الأغلاط التي تشوب الإسلام والمسلمين، وتجسيد ذلك في إطار العلاقات الدبلوماسية بين دول العالم.

الهوامش:

2www.muslimsnews.co.uk/paper/index.article /3580.

[1]  لتقرير الخامس لمرصد منظمة التعاون الاسلامي بشأن ظاهرة إسلاموفوبيا، الدورة التاسعة لمجلس وزراء الخارجية، جمهورية جيبوتي، 15-17 نوفمبر 2012، ص12.

[2]  التقرير الخامس لمنظمة التعاون الإسلامي، ص14.وينظر: www.nytimes.com/2008/06/22.

[3] http://islamineurope.blogspot.com/2008/06/netherlands.

[4] www.americanprogres.org/2011/08/pdf/islamophobia.pdf.

[5] www.cbc.ca/news/canada/story/2011/09/06.

[6] www.brookings.edu/reports/2011/0906 american-attitudes.aspx.

[7] www.news.com.au/world/french-magasine-charlie-hebdo-publishes-nude-cartoons-of-prophet-mohammed.

لاتعلیق

اترك تعليقاً