نحو تعميق الفكر التاريخي ووضع اطر للتفكير ومنهجيات للبحث


نحو تعميق الفكر التاريخي ووضع اطر للتفكير ومنهجيات للبحث

الأستاذ الدكتور

إبراهيم سعيد البيضاني

الهدف من الدعوة الى تأسيس مدرسة فكرية تاريخية عراقية ووضع اطار فكري نظري للتفكير ويحدد مسار واولويات البحث وفق قراءات وروئ جديدة تساعد المؤرخين لاعتماد منهج جديد وتؤهله لاختيار الموضوعات والعناوين والدراسات ذات الأهمية في تشخيص الواقع، وتقييم الاحداث والتطورات بما يساعد على رسم افاق المستقبل، وبالتالي فان التشخيص العلمي الدقيق وبمنهجية علمية هو دليل عمل يساعد الباحث والمؤرخ على تقديم القراءات والحلول.

وبالتالي فان هدف المؤرخ ان يرتقي بمستوى تفكيره ومنهجه التاريخي الى إيجاد واستخلاص الدروس والعبر، وان يقدم إجابات دقيقة تتضمن حلول ومقترحات مفيدة، بل يمكن ان نقول ان المؤرخ والباحث والعالم عليه ان يرتقي بمستوى تفكيره حتى يتمكن ان يحدد افاق المستقبل ويضع السيناريوهات المحتملة، ويضع الحلول للتعامل معها ومواجهتها، فالمؤرخ مدرسة وفكر وروئ وهو سبيل للارتقاء بالعلوم الإنسانية لتكون عاملا في رقي المجتمع واستقراره وتطوره.

لذلك فان من المسؤولية التاريخية والعلمية والأخلاقية ان نعد العدة لعقد مؤتمر دولي حول انشاء مدرسة فكرية تاريخية عراقية وبمشاركة عربية ودولية لكل المهتمين بالفكر التاريخي، ومن هذا المؤتمر نخرج بورقة علمية استراتيجية تضع اطارا فكريا علميا للمدرسة الفكرية التاريخية العراقية، واعتقد ان ذلك يتحقق من خلال الشروع بكتابة مقالات تحليلية أولية نخلق من خلالها قاعدة بيانات وتصورات وأفكار لهذا المشروع الفكري الكبير، فضلا عن الانطلاق نحو تحديد موضوعات مناسبة تسهم في تحقيق الهدف المنشود، والبحث في هذه الموضوعات بمنهجية وطريقة تفكير مختلفة.

ولابد ان نحدد السبل التي تساعدنا في نجاح هذه المهمة، ومن بين السبل للانطلاق نحو افاق جديدة في التفكير ان نقدم خلاصة للفكر التاريخي العراقي منذ اقدم العصور، ونتوقف باهتمام عند فترة العصور الإسلامية ونستمر للوقت الحاضر، ولعل فترة التاريخ الحديث والمعاصر لها أهمية استثنائية ، اذ كان هناك نتاج فكري كبير يستحق الاهتمام به ودراسته واستخلاص الدروس منه، وناخذ بنظر الاعتبار ان الدول تكونت في التاريخ الحديث ورسمت اتجاهاتها ومسارتها وخاصة منذ الحرب العالمية الأولى حتى الوقت الحاضر، وهذه المرحلة بفكرها وتطوراتها واحداثها تعد مهمة في معرفة أسباب الإخفاق والفشل وتقييم الاحداث واستخلاص التجارب.

كل ذلك يدفعنا الى امر اخر في غاية الأهمية وهو ما هي اولوياتنا في البحث واي مدرسة فكرية تاريخية نعتمد وهل نحن قادرين على رسم أسس فكرية تلائم حاجاتنا ومنهجنا وخصوصيتنا، لذلك لابد ان نحدد أولويات ومجالات البحث ونحدد أسباب الفشل والاخفاق، وبالتالي فاننا نكون امام عدة تساؤلات؟ فهل كان الإخفاق بسبب شكل النظام السياسي بعد قيام الدولة العراقية الحديثة؟ او ان الخلل في النخبة السياسية التي قادت العراق بعد تأسيس الدولة الحديثة؟، ام ان الخلل في الأحزاب السياسية؟، وقد يكون الخلل من صياغة اول دستور عراقي؟، وبالعموم لابد ان يبحث المؤرخ في عوامل الإخفاق على مدار اكثر من قرن من الزمان، فالتشخيص والوصف الدقيق هو مدخلا صحيحا ليس في مجال معرفة العوامل والأسباب، بل ان ذلك يساعدنا في إيجاد الحلول ووضع التصورات المستقبلية.

ومن المناسب أيضا القول ان ينطلق المؤرخ من روح ومصلحة وطنية عراقية مشتركة، وان يعتمد التحليل والوصف والفكر بمستوى راقي ومتقدم ليكون مؤهلا لهذا العمل الكبير، ويعتمد منهجية بحث عالمية تلائم مجال اختصاصه ليكون ضمن مسار علمي وتحليل ومنهج واضح ومحدد.

وفي الختام ندعو الى التحضير والاستعداد للخوض في الفكر التاريخي وفي وضع أسس لمدرسة فكرية تاريخية عراقية ونحن نستقبل أي قراءات فكرية أولية لهذا المشروع قبل انطلاق مؤتمر دولي يعالج هذه المسالة بالتفصيل.

التعليقات معطلة.