” مؤتمر فينا 1815-1814 ( Congress of Vienna) و المسألة الجزائرية”
جخدان بوعبدالله
قبل التطرق إلى قضية الجزائر في مؤتمر فينا يجب علينا تسليط الضوء على الأحداث التي أدرجت الجزائر في جدول أعمال المؤتمر من بينها موقع الجزائر من البحر المتوسط و ما إنجر عنه من تنافس حول استراتجيته و موقف الجزائر منه .
_1أهمية البحر الأبيض المتوسط:
دراسة البحر الأبيض المتوسط تعني، قبل أي شيء آخر،دراسة مدى تعقيد العديد من التفاعلات لموجودة في المنطقة تشكل العلاقات بين الضفتين وبين البلدان والثقافات والأديان والاقتصاديات والمجتمعات شبكة غنية من
التبعية المتبادلة[1] فحينما نتابع تطورات الأحداث التي عرفها العالم في القرن الثامن عشر و النصف الأول من القرن التاسع عشر نجد عالمين متصارعين منذ عصور ما قبل النهضة الأوروبية هما العالم الغربي و العالم الإسلامي فالبحر الأبيض هو مستقر هذا الصراع لأنه عالم متجاور شهد حضارات التاريخ الفرعونية و الفينيقية و اليونانية و الرومانية و الإسلامية و المسيحية [2] ،لأنها بحيرة قامت على شواطئها الدويلات الصغيرة و الدول و الإمبراطوريات الكبيرة و كان الصراع بينهما و كان الصراع ذو أبعاد دينية اقتصادية عسكرية حضارية ، فالإمبراطورية العثمانية تمثل الشرق فهي مركز الخلافة الإسلامية مهابة الجانب ومؤثرة في السياسة الدولية و في التجارة العالمية و بحرية مسيطرة على أجزاء من أوروبا الشرقية ، فالصراع الديني تبلور في الصراع البحري مما عرف بالقرصنة[3] إنطلاقا من إسبانيا و بحرية إسلامية ليصبح عمل جهادي لدفاع عن الإسلام و يرجع الصراع للحاجة للمواد الأولية نتيجة التطور الصناعي لتصبح مطامع سياسية و إحتلال شواطئ الأبيضية و الأطلسية و عانى منها المغرب و إضافة إلى جانب الديني بإعتبار شارلكان له حق حماية المسيحيين في حوض المتوسط و بين بعض الدول الأوروبية ، فالخلاف الدائم بين فرنسا و انجلترا نتيجة تركيزهما على سيطرة و نفوذ في البحر المتوسط [4].
2_موقف الجزائر من تنافس الدولي :
قامت الجزائر بدور حاسم في مواجهة تطورات التي طرأت على ساحة عالم البحر المتوسط فأصبح أسطولها يشن غارات على المدن الأوروبية الجنوبية ليمده إلى المحيط الأطلسي ، و بدوره كثرث الغارات الأوروبية على السواحل الجزائرية بحجة القضاء على القرصنة التي اتهمت بها الجزائر و ما هي في الواقع دفاع عن نفسها لأن القرصنة عمت إرجاء البحر المتوسط و مارستها جميع الدول الأوروبية على نطاق واسع و إنتقال القرصنة من المحيط الأطلسي إلى البحر المتوسط في مطلع القرن السابع عشر مغامرون مسيحيين ،و شهد دول أوروبية قوية :فرنسا و انجلترا و هولندا ليخلفان الإمبراطوريتين القديمتين اسبانيا و البرتغال و عرفت شركاتها نجاحا لإستغلالها ثروات إفريقية و جزر الهند الشرقية مما أدى بها للإحتكار التجارة العالمية و تحطيم إحتكار البرتغالي [5]و موازاة مع ظهور روح القوميات في القرنين السادس عشر و السابع عشر، بدأ ضعف ظاهر في الدولة العثمانية خاصة بعد عصر سليمان القانوني بسب استمرار الحروب مما استنزف خيرات و موارد الدولة و اضعف امكانياتها الإقتصادية خاصة و أن الدولة العثمانية إهتمت فقط بالجانب العسكري و تحصيل الضريبي لمواصلة الجهاد و أهملت التنمية الاقتصادية فإنعكست سلبا على نيابات المغرب الجزائر و تونس و طرابلس الغرب لإنصراف القادة العسكريين لإستمرار عملياتهم دون تفكير في تطوير المجتمع من الجانب الاقتصادي خاصة [6] ،و بالرغم من التطورات الحاصلة في البحر فالدول الأوروبية و لا سيما فرنسا و انجلترا و هولندا واصلوا نشاطهم في البحر الأبيض المتوسط و في سواحل شمال إفريقيا ووجدت حماية لأنها متحالفة مع الجزائر ضد الخطر الإسباني لكن في أواخر القرن السدس عسر و السابع عشر حدث تغير في العلاقات الدولية بسبب التقارب بين فرنسا و انجلترا و هولندا التي وقعت معاهدة السلام مع اسبانيا عدوة الجزائر فكان له انعكاسات مباشرة على الجزائر و علاقاتها بحلفائها فتغيرت من صداقة إلى عداء و فقدت حصانة المخولة لتلك الدول [7] ، مما أدى إلى تصادم و الصراع بين أسطول الجزائري و دول الأوروبية في عرض البحر المتوسط و تعرضت مدن و الدول المطلة على البحر المتوسط للنهب و السلب و تعرض سكانها للأسر [8] ،فالإستراتيجية انجلترا في شمال إفريقيا هي حصول على إمتيازات حيوية لضمان إقتناء التسهيلات لتلبية حاجياتها و منع الأعداء الأوروبيين من الإستفادة منها و هي مدركة لدور الجزائر و المغرب الأقصى في القضايا الأوروبية بينما إستراتيجية فرنسا إيجاد قاعدة بحرية دائمة في سواحل شمال إفريقيا مجسدة في سياسة لويس الرابع عشر 1663_ 1715م الذي جسده في 1664م بحملة عسكرية بقيادة بوفور[9] على جيجل و يدخل في إطار تنافس انجليزي فرنسي حول نفوذ في البحر المتوسط خاصة بعد أن أصبحت الطنجة في قبضة الإنجليز 1662م وتوج بزواج ولي عهد انجلترا بالأميرة البرتغال [10] ،و بإستمرار الحرب تمكن انجليز في مطلع القرن الثامن عشر من الإستيلاء على جبل طارق في 1704م و قاموا به قاعدة عسكرية و تم نفوذهم للبحر و بعد استيلاء ميناء ماهون و أصبحت سواحل الإيطالية تحت مراقبتهم [11] ،وهنا ظهر كسب ود الجزائر من طرف فرنسا و هولندا و انجلترا ، في الوقت كانت فرنسا تواجه خطر انجليزي هولندي و كانت شركة هيلي الجزائر تصدر حبوب لمرسيليا ولو هافر تصدر 200 ألف قنطار من حبوب سنويا ، وقد أعطيت أولوية للقنصل انجليزي لحسن تفاوضه في حين أن أقاليم فرنسا كانت تعاني المجاعة 1701_ 1710م، لذا كتب القنصل الفرنسي كليرونبول clairambault لوزير البحرية الفرنسي ” لتعكير صفو العلاقات الجزائرية الانجليزية يجب دفع هدايا كبيرة مما يؤدي بإنجلترا من مضاعفة هداياهم و المستفيد الوحيد هو داي الجزائر ، و في تلك الفترة تم إطلاق أسرى الجزائريين و أرسل له ملك جوهرة من الماس ، فتقارب أزعج انجلترا و يعود أصل تقارب إقتراب موعد انعقاد مؤتمر “أوتراخت utrecht ” 1713_ 1715 م الذي ينهي الحرب الوراثة الإسبانية الذي يمنح قاعدة جبل طارق و مينورقة لإنجلترا وهذا ما أدى بفرنسا لتقليل من المنافسة و التأثير الإنجليزي في البحر المتوسط[12] و عندما فقدت الدول الأوروبية نفوذها في القارة الأمريكية فوجهت أنظارها إلى البحر المتوسط وشجعها ضعف البحرية الجزائرية فألقت انجلترا بثقلها في البحر لأخذ مواقع فرنسا فيه ليتطور إلى صراع بينهما و فرضت انجلترا حصارا على فرنسا،لتدخل الولايات حلبة الصراع في البحر المتوسط لتزود الموانئ الفرنسية بالمواد الغذائية و لمنع ذلك رأت انجلترا إبرام الصلح بين الجزائر و البرتغال و تمت الهدنة عام 1793م لتعرقل عملية تمويل ،فرأت فرنسا إرسال مبعوثين إلى تونس و الجزائر لإقناعهم بالتفاوض مع الولايات المتحدة الأمريكية افريل 1794 م و لكن الحرب بين الجزائر و البرتغال إستأنفت و يعني عودة الولايات المتحدة إلى مواصلة نشاطها و أدى إلى تراجع فرنسا عن إرسال مبعوثيها لكن تخوف فرنسا من الولايات من منافستها في البحر المتوسط لأن الأخيرة سعت لإرسال مبعوثيها لإبرام معاهدات مع دول المغربية لتمد نشاطها في البحر المتوسط ثم إلى سوريا[13] ،رغم العراقيل الفرنسية تمكنت من إبرام معاهدة مع الجزائر في سبتمبر 1795 وهكذا عززت نشاطها في البحر وأصبحت طرفا في التنافس الدولي[14].
3_ مؤتمرون وموقفهم من القرصنة المغاربية في الحوض المتوسطي:
أ- تدويل القضية الجزائرية في المؤتمر :
إنعقد المؤتمر في 1 نوفمبر1814 م والى غاية 8 جوان1815 م[15] بعد انتهاء من نابليون في معركة واترلو عام1815م Waterloo ،و كانت انجلترا أنذاك سيدة البحر الأبيض المتوسط و عندها تمكن ساسة أوروبا من شرب نخب النصر وفكروا في ضرورة رسم خريطة لأوروبا [16] ،فكانت المادة السادسة التي إتفقوا عليها هي أنه من أجل دعم الروابط العميقة الموحدة بينهم ، فيجب على الملوك الأربعة بجمع مؤتمرات في فترات المحددة يبحون فيها الوسائل اللازمة لا لمجرد ضمان السلم و استمراره بل لتأكد الاحترام المصالح العامة الكبر ى و بشكل خاص هدوء الشعوب و رفاهيتها ، و لذلك فإن مسألة العلاقات مع فرنسا لن تصبح هي الموضوع الوحيد الذي يعالج في هذه الإجتماعات فيمكن لحكومات الدول المنتصرة أن تثير كل المشكلات حتى تأخذ حيالها موقفا مشتركا [17] فكانت مسألة الجزائرية ضمن القضايا المطروحة ،فقضية الجزائر و طرحها في المؤتمر بعد أن تخلصت الجزائر من الإسبان نهائيا و تسليم وهران عام 1791م واجهت خطرا مماثلا في أوائل القرن التاسع عشر و هي بريطانيا ففي تلك الفترة قوي نفوذ بريطانيا في البحر المتوسط بالإستيلاء على مالطة في عام 1792 م و بضم جزر الأيونيان في شرق البحر المتوسط طبقا لتسوية مؤتمر فينا عام 1815 م فأصبحت مالطة تعتمد في تموينها على ما يستورد من الجزائر و تونس من الحبوب و بعد القضاء على نابليون أرادت إنجلترا التدخل في شؤون الجزائر بإسم محاربة الرق [18] و القرصنة و الدفاع عن مصالح الدول المسيحية [19] و هكذا قدم ممثلو فرسان مالطة بتسليم عدة مذكرات إلى المؤتمرين فينا يطالبون بالعمل على إعادة تنظيم الطائفة و بمكان غير مالطة[20] ،بإعادة النظام القديم و منحهم مقرا في البحر المتوسط تجتمع فيه جميع الأساطيل المسيحية لمحاربة قراصنة دول المغربية [21] ولا يخفى علينا أن الجزائر كانت في أواخر القرن الثامن عشر تعرضت إلى تدهور و نقص في عمليات القرصنة بسبب إبرام معاهدات مع الدول العظمى كإسبانيا و البرتغال و الولايات المتحدة الأمريكية و في بداية القرن التاسع عشر عرفت تحسنا ، مستغلة الظروف الدولية المنشغلة بالحرب و قامت بتجديد أسطولها الذي وصل إلى30 قطعة بفضل الرايس حميدو الذي جال البحار إلى غاية 1815م[22] ،لكن بتوقف هذه الحروب الطاحنة (التي شهدتها أوروبا بسبب الثورة الفرنسية و سياسة نابليون التوسعية) تحالفت تلك الدول من أجل وضع حد لنشاط الأسطول البحري الجزائري الذي كان يشكل خطرا على مصالحها التجارية في البحر المتوسط ،فالواقع أن العلاقات الأمريكية الإنجليزية ،فيما يخص بلاد المغرب كان في مجموعها مرضية ثم شهدت فترة توتر أدى إلى انقطاع العلاقات الأمريكية البريطانية ووجد سخط الجزائر على الولايات حافزا رسميا و ثقة الداي بقوة الأسطول البريطاني فأعلن الحرب على الولايات المتحدة الأمريكية سنة1812 م ،و بعد ثلاث سنوات رسى الأسطول الأمريكي في ميناء الجزائر فذكر الوزير الجزائري القنصل البريطاني في الجزائر بقوله : “لقد سبق أن أخبرتنا أن الأسطول الأمريكي سوف يطرده أسطولكم من البحار في ظرف ستة أشهر ،و لكن الأمريكيين يشنون الحرب علينا مستعينين ببعض السفن الحربية التي أخذوها منكم “[23] ،إن سياسة نابليون التوسعية اتجاه البرتغال و نواياه العدوانية إزاء الجزائر و عداؤه لإنجلترا سببا في تقريب وجهات نظر الأطراف المعنية و التوصل إلى الإتفاق بتوقيع معاهدة فنتينيبلو مع الوزير الإسباني في 27 أكتوبر 1807م القاضية بقسم البرتغال بينهما و تم هجوم عليها في نوفمبر نفس السنة ففر ملك البرتغال ريودي جانيرو و دعا بريطانيا للتدخل في الحرب فلبت نداءه لحماية مصالحها في جبل طارق من اسبان و مساعدة البرتغال،أما نابليون دعم تحالف البريطاني البرتغالي و تم عقد معاهدة تجارة و صداقة مثالية وقعها الطرفان سنة 1810م،و لمكانة بريطانيا لدى الجزائر و البرتغال خلقت جو الثقة و قبلت وساطتها بسبب تهديدات نابليون و أن الداي حاج علي أدرك أهمية الإتفاق لأنه خطوة نحو إضعاف نابليون و سياسه التوسعية [24] ،و من جهة البرتغال حاجة شديدة و ملحة على الهدنة هي رد حملات الإسبانية و الفرنسية و من جهة الجزائر لتدعم خزينتها بأرصدة مادية عن طريق تطبيق فدي الأسرى فمبالغ البرتغال مغرية و من شأنها تقوية الخزينة و هنا أعطت حركة بحرية مضاعفة بزيادة قطع في الأسطول و بتالي إلزام الدول بدفع الإتاوات و تسديد التزاماتها السابقة فكان عهد الداي حاج علي عهد انبعاث القوي و إنعاش ملحوظ مما أدى إلى إنزعاج إيالة تونس و إستياء الدولة العثمانية و استنكار الدول الأوروبية بشدة في مؤتمر فينا و نظرت إليه على أنه عهد التسلط و قهر و تذرعت به لتأليب الأمم و الدعوة للتحالف ضده و عرف عهده داخليا بالحزم و العزم معا و ضبط شؤون الإيالة إلى أن “إنساقت له العمالة ووقع الربح لجميع الناس ” [25] نلاحظ أن هدنة 1810م و معاهدة 1813م الجزائر و البرتغال في عهد الحاج علي باشا الذي قيل عنه أنه أوقع الجزائريين في حرب مع كل الشعوب الأوروبية “[26] ،و هي التي إرتاح لها البرتغال بعد أن طال إنتظاره و كثرت وساطته و تكون ربما آخر معاهدة في سلسلة المعاهدات التي وقعها حكام الجزائر في العهد القوي[27].
وتجدر الإشارة أن محمد خسرو [28] وجه رسالة تنبيهية إلى السلطان محمود الثاني ((1839_1808 بتاريخ 2جويلية 1815يحدث فيها عن حاكم الجزائر الداي الحاج علي (1815_1809)يقول فيها”منذ أن أصبح هذا الشخص واليا على الجزائر ، تعددت المظالم مع المسيحيين بحيث أن الصداقة مع الأوروبيين قد تحولت إلى نزاعات و هجمات “[29] ،فظاهرة القرصنة مارستها جميع الدول البحرية فأوروبا ترى قراصنتها أنهم محاربون في سبيل الوطن و أنهم جنود الله و المسيح أما نظرتهم للجزائر و نشاطها البحري بأنه نهب و لصوصية لذا يجب محاربتهم [30] ،لذا إتخذ الكنيسة من النشاط البحري المغربي عامة و الجزائري خاصة وسيلة لوحيد جهودهم للقضاء على إسترقاق إخوانهم في الدين منذ بداية العصر الحديث عملت جمعيات مثل جمعية الإخاء الفرنسية و جمعية بالرمو حيث إستطاع أنصار هذه الجمعيات الحصول على قرار من البابا بجمع التبرعات في جميع الكنائس إعتبارا من سنة 1778م ومواصلة نشاطها الى غاية 1819 ،فزاد من عدد قطعها البحرية كما هو الحال في مملكة الصقليتن التي بنت ما يزيد عن خمس قطع بحرية كبيرة مزودة بحوالي أربعة و سبعين مدفعا [31] ، و هذا ما جعل الدول الأوروبية قوم بحملات بحرية متكررة على الجزائر، و قد أدى فشل السياسة الأوروبية إلى تحقيق أهدافها بشكل إنفرادي مما كان له دور الحاسم في سعيها منذ عام 1815 م إلى توحيد جهودها في جبهة واحدة ضد الجزائر[32] ،و قد سبق فكرة الإستيلاء على إيالة الجزائر قديمة أكثر من قرن من زمان و قد نضجت في رأس نابليون فنابليون أراد الوصول إلى نقطة إستراتيجية هي الوقوف في وجه أو في انجلترا حيث قال ” قدم واحد على إفريقيا من شأنه أن يعطي إقتراح لإنجلترا لتفكر جيدا في الأمر،فأحال نابليون في 18أفريل 1808م إلى وزارة البحرية أمرا يأمل فيه بالحملة على الجزائر عن طريق البحر بدل البر و لحقيق من وجود منفذ يخلو من قوات متفرقة و أسند المهمة إلى مهندسين و قال أنه يجب السير عليه في حد ذاته داخل أسوار و خارجها و يكتب ملاحظاته و كان هذا الرجل زعيم البعثة فنست بوتان Vincent Yves Boutinالذي ذهب إلى الجزائر بزي المدني لسياحة ليتمكن من عبور دوريات الحدود للوصول إلى الجزائر [33] ،و يذكر المهدي بوعبدلي في مجلة الأصالة أن تقرير بوتان كان نتيجة توتر العلاقات الجزائرية الفرنسية و طرد الداي لقنصل فرنسا(Thainville)،و يعود السبب أن الجزائر حسنت علاقتها مع إنجلترا فغضب نابليون و كلف بوتان لوضع تصميم و هو ما إعتمد عليه الجيش الفرنسي فيما بعد لإحتلال الجزائر [34] ففكرة القضاء على الإيالات المغربية تحت سلطة فرنسا كان أحد بنود المعاهدة السرية التي عقدها نابليون و قيصر روسيا بتاريخ 8 جويلية 1807م ،و هي معاهدة الصلح تلسيت بين فرنسا و روسيا [35] و أيضا قام جيفرصون[36] بتعبئة المد الصليبي بتشكيل حلف صليبي ضد الجزائر سنة 1785 م، ويعود ذلك أن جيفرصون كان يناضل منذ البداية من أجل فكرة الحرب بديلا عن دفع الضريبة، و أن الدول التي هي في حرب مع الدول المغربية أن من مصلحتها تنسيق جهودها لمحاربة القراصنة و في هذا السياق يمكن الإعتماد على البرتغال و نابلي لكي يتعاونوا مع الولايات المتحدة الأمريكية ففكرة الحرب و تشكيل عصبة لمحاربة البلدان المغربية هي قديمة ، كما صرح فرانكلين سنة 1783م معربا دهشته عن تقاعس الدول الأوروبية في تجميع قواتها للقضاء على القراصنة ، و في مارس 1785م إقترح جيفرصون إمكانية التعاون بين الولايات المتحدة الأمريكية و فرنسا لشن حرب على الجزائر إذا إستحالت تجديد معاهدة معها ،و في بضعة أشهر أعلن السفير البرتغال في الجزائر لرندال
عن الرغبة السائدة في تشكيل حلف من الدول التي هي في حالة حرب مع دول المغرب [37] و أول المرحبين به و أكثر حماسا الجنرال الفرنسي لافاييت [38] La fayette،و هنا رأى جيفرصون أن الأمل في تشكيل حلف يجد تشجيعا كافيا و يسمح بتحرير مسودة مقترحات من أجل عمليات منسقة ضد دول المغرب و بناءا على ذلك أعد خطة تشمل نقاط التالية:
1_ أية دولتين أو أكثر تحارب القراصنة يمكنها أن تتفق على أن تحارب بتعاون و تنسيق العدو المشترك
2_ ينبغي ترك الحلف مفتوح لكي تنضم إليه دول أخرى فيما بعد
3_ إن هدف الحلف هو تحقيق السلام الدائم للدول المتحالفة
4_ ينبغي من التجوال المستمر لسفن المتحالفة بإستمرار في عرض البحر في مقابل شواطئ الإفريقية
5_ الحصة التي تساهم بها كل دولة في القوة المشتركة تكون معقولة بقدر ما تسمح به الظروف
6_ تحديد طبيعة الحصة التي يساهم بها كل عضو في الحلف بإتفاق بين الدول المتحالفة
7_ تشرف لجنة من الدول على عمليات الحربية و بدون أي مقابل
8_ في حالة حرب أي دولتين في الحلف فيجب ألا تؤثر الأعمال الحربية بما يتعلق بإجراءاتهما ضد دول المغربية
9_ العمليات الأولى تكون ضد الجزائر أولا ثم تتفرغ إلى دول الأخرى الممارسة للقرصنة
10_ أن نشاط الحلف لا يؤثر في المعاهدات القائمة بين أعضائه و الدول المغربية
ثم قام جيفرصون بتقديمها إلى ممثلي دول الأوروبية ، إلا اسبانيا أبدت رفضها لأن وقعت معاهدة مع الجزائر مؤخرا بينما البرتغال و نابلي و الصقليتين و البندقية و الدنمارك و السويد و مالطة إستقبلت المشروع بإرتياح، لكن في الأخير فشل المشروع بسبب رفض الولايات المتحدة اشتراك في الحلف بسبب عجزها مالي الذي فرضه دول الأعضاء ،و أيضا بشهر أوت1814م ، دعى سيدني سميث نداءا إلى قادة أوروبا “لتنظيم حصار حول الجزائر
حتى يضع حد للقرصنة الدول المغربية [39] خاصة و أن بريطانيا آنذاك صدرت قانون في عام 1814م الذي وضع حدا نهائيا لهذه لتجارة الرقيق في الممتلكات البريطانية على كونها من أعمال القرصنة[40] .
ب_مذكرة سدني سميث ضد النشاط البحري لدول المغرب :
ب-_1تعريف بشخصية سدني سميث :هو ابن الثاني لثري كبير و هو من مواليد وودفورد Woodford في 3جوان 1771 درس في نيوكوليج بأكسفور أنشأ جريدة إيدينبرج ريفيو Review Edinburgh سنة 1802 بالإشراك مع هنري بروجهام شارك بقلمه في هذه المجلة مدة 25سنة نشر أول كتاب له سنة 1800م و أشهر اسمه عن طريق المقالات إلي كان ينشرها في مجلته ،انتقل إلى لندن سنة 1803م و أصبح محاضرا في الفلسفة بالمعهد الملكي كان ضمن الجيش البريطاني الذي حارب نابليون في مصر سنة 1798 م، قدم مذكرة إلى مؤتمر فينا 31أوت1814م لدراسة الوسائل و الطرق الناجعة للقضاء على قراصنة البلدان البربارية (المغاربية)كما قدم نصيحة أخرى سنة 1830م لإنزال القوات الفرنسية بمدينة الجزائر و قد إعتمدت خطته و نصيحته على نتائج الحملات الأوروبية البرية و البحرية منها ضد الجزائر عبر القرون الثلاثة السابقة ، نشر هذه الخطة في الجريدة اللندنية المسماة ب The globe and traveller ترجم المقال نحو الفرنسية و صدر في جريدة Le Constitionnel يوم 14 ماي 1830 م ومما جاء في هذه المذكرة أن ” إحتلال الجزائر يعد بداية لعهد جديد للحضارة العالمية إذا ما عرفنا كيف نستفيد منه “[41].
ب-2- محتوى الوثيقة:في الوقت الذي تناقش فيه الوسائل الكفيلة بالقضاء على النخاسة في الساحل الغربي لإفريقيا و في الوقت الذي تحاول فيه أوروبا المتحضرة تعميم منافع التجارة و أمن الأشخاص و الممتلكات داخل هذه القارة الشاسعة التي يقطنها رجال طيبون و مهرة و قادرون على التمتع إلى أقصى درجة بمزايا الحضارة من الغريب أن لا يسرى إنتباهنا الساحل الشمالي من هذه المنطقة نفسها هذا الساحل الذي يقطنه القراصنة أتراك لا يكفون بإضطهاد سكان البلدان المجاورة لهم يختطفونهم و يشترونهم كما يشترى العبيد لإستعمالهم في السفن المجهزة للقرصنة و إفتكاك فلاحين نزهاء من أسرهم، و سكان سالمين من السواحل الأوروبية إن هذه اللصوصية المخزية
لا تثير الإنسانية فحسب لكنها تعرقل التجارة و تسي لها حيث لا يستطيع اليوم أي بحري الملاحة من وقوعه رهينة في يدي القراصنة [42] و اقتياده عبيدا إلى إفريقيا .
تكون حكومة الجزائر من ضباط من الجيش الإنكشاري ،وهم عساكر ثائرون يزعمون أنهم لا يعترفون و لو ظاهريا بسلطة الباب العالي التي مع ذلك لا تقر بهذا الإستقلال ، و الداي هو دوما أحد ضباط هذه المجموعة الذي تميز بقساوته ،ومن أجل البقاء على العرش أو الديوان فهو يثري نظراته أي يمكنهم من البطش في إفريقيا و القيام بأعمال القرصنة ضد الأمم الأوروبية الضعيفة أو التي لا يخشى من إنتقامها الفوري .
إن الراية العثمانية نفسها لا تكفي لحماية رعاياها الإغريق واتفافات القراصنة الجزائريين و في المدة الأخيرة فإن الداي إما استسلاما منه لنزواته الشرسة،و إما انتهاجا لسياسة وحشية بهدف القضاء على تجارة منافسيه في [43] وتونس و طرابلس عمد إلى شنق طواقم بعض سفن الأرخبيل و مصر المحملة بالقمح و التي وقعت في قبضته و كان رد فعل الباشا مصر في غضبه إيقاف جميع الجزائريين الموجودين في إيالاته مطالبا بدون جدوى بإسترجاع الحمولات التي صادرها داي الجزائر ظلما و لا شك أن الباب العثماني ينظر باستنكار بل بإستياء إلى أن يجرؤ أحد أتباعه على القيام بأعمال مصينة و بشعة ضد رعاياه المسالمين و أن يعرقل حركة تجارية هو في أمس الحاجة إليها أكثر من أي وقت مضى لدفع أجور عساكر الباشا المتواجدين على الحدود الشرقية للإمبراطورية العثمانية لمحاربة الوهابيين و غيرهم من القبائل العربية التي ما فئت تحت هؤلاء الطائفتيين قوم بغارات تهدد وجود هذه الحكومة .
ومن جهة ثانية فإن أوروبا تهتم بدعم الحكومة العثمانية من حيث أنها سلطة معترف بها، و حكم بإسطاعته احتواء الباشوات و البايات الثائرين و منعهم من القيام بأعمال القرصنة في البحار على غرار الجزائر إن الإهتمام من أوروبا نابغ يوجه خاص من حاجة أوروبا في معظم الأحيان إلى استيراد قموح البحر الأسود أو النيل ،و هي المناطق التي تتوفر فيها هذه المادة بكثرة حيث أن المواسم الزراعية السيئة التي يشهدها شمال الإقليم العثماني قابلها دوما مواسم زراعية جيدة في الجنوب فينفس السنة و العكس بالعكس .
و الحال أنه إذا كان بربري يدعى أنه أمير مستقل رغم أنه مستقل رغم أنه غير معرف به من قبل السلطان العثماني و ليه الشرعي إذا كان يستطيع حسب هوايته أن يهدد و يرغب و يشنق الإغريق ورجال البحرية من رعايا الدول الأوروبية الصغيرة التي تمارس وحدها جارة تعتبرها سفن القوات العظمى غير مربحة بما فيه الكفاية لتحذو حذوها لأن هذه السفن لا تستطيع أن تمارس الملاحة بهذا الثمن المنخفض إذن إذا كان هذا الرايس القرصان الجريء يستطيع عندما يخطر له ذلك أن يوفق حمولات القمح الموجهة إلى أوروبا فإن الشعوب المتحضرة قع من جراء ذلك تحت إدارة رئيس عصابة لصوص يمكنه دون علم من هذه البلدان أن يزيد من تعاسة هذه الشعوب بل يستطيع تجويعهم في زمن القلة .
و يتوفر البربري أيضا على وسيلة ناجعة لإختلاس أموال الأمراء المسيحيين، فهو يهددهم (و هذا ما فعل أخيرا مع صقلية ) بقتل رعاياهم الذين وقعوا في قبضته [44] ،و ما يؤكد تنفيذ وعيده و خشيته المعروف التي تصبح وسيلة للحصول على أموال لأمير مسيحي لتمويل الحرب التي يشنها على أمير مسيحي آخر .
و بهذه الطريقة يستطيع أن يشرك كل بلدان أوروبا في هذه الحرب و إجبار الأمم الواحدة تلو الأخرى على دفع ضريبة وحشية بشراء حياة هؤلاء العبيد التعساء و السلم و لا جدوى من الأخذ بأن هذه الوضعية ليست بشعة لكنها غير معقولة و لا تخلو من إساءة للدين و الإنسانية و الشرف .
إن تقدم النور و الحضارة لا بد أن يدحر هذا الوحش .
و بديهي أن الوسائل العسكرية التي استخدمها لحد اليوم الأمراء المسيحيون لمواجهة عساكر الدول البربرية لم تكن غير كافية فقط لكنها أفضت في معظم الأحيان إلى زيادة دعم السلطة الخطيرة التي يملكها هؤلاء البرابرة و إن أوروبا قد بقيت لمدة طويلة تعتمد على جهود فرسان القديس يوحنا القدسي St Jean de Jerusalem
و لم تتفطن بما فيه الكفاية إلى أن النظام الفروسي لم يكن له في المدة الأخيرة لا السلطة الكافية و ربما أيضا أنه لم يبق له الطاقة الكافية لمواجهة و دفع الإعداءات المتجددة دائما التي كان يقوم بها العديد من القراصنة .
و الواقع أنه بحكم تأسيسه أصلا فإن نظام مالطة المجبر على عدم التعامل مع غير المسيحيين لا يمكنه أن يستفيد من كل الإمكانيات التي توفرها السياسة بإبرام معاهدات تحالف مع الأنظمة التي تقع هي نفسها ضحية لنظام القرصنة أكثر مما مارسه مثل تونس و مراكش اللذين يحكمهما أمراء من مواليد هذين البلدين و اللذين أبديا منذ مدة حسن استعدادهما ،و إمكانهما أن يقيما مع الدول العظمى الأوروبية علاقات جارية و علاقات حسن الجوار و هكذا فإن إحياء هذا النظام بعد الانتحار السياسي الذي طبقه على نفسه لا يمكن أن يكفي وحده لتحقيق الهدف الذي نصبو إليه و أن الهدف النبيل يرمي إلى وضع أوروبا نهائيا في مأمن من اعتداءات القراصنة الأفارقة و استبدال دول القراصنة أساسا منذ بابا عروج بحكومات مفيدة للتجارة و منسجمة مع مجمل الأمم المتحضرة، و الآن ما هي الوسائل التي يتعين استخدامها ؟
إن الممضي أسفله يريد أن تشاط اقتناعه أوروبا برمتها ،و هذا الإقتناع نابع من [45] ثلاثين سنة من الدراسة و التحفض العميق و لم ينقطع طوال مدة وظيفه في البلاط العثماني عن الإنعكاف على الموضوع الذي يعالجه اليوم و قد عكف على هذا الموضوع في المخيمات و على من أساطيل هذه القوة نفسها و في علاقاته المعروفة نسبيا مع أمم إفريقيا و آسيا و قبائلهما .
إن هذا الإقناع الداخلي بإمكانه توقيف لصوصية البلدان البربرية بسرعة ،و ليس هناك وسيلة أحسن لإثباها من عرضه القيام شخصيا بهذه العملية إذا ما وضع تحت تصرفه الوسائل اللازمة .
و بدافع من ذكريات دروس الوعظ التي كان يلقيها كفارس و رغبة منه في إثارة الحمية لدى الفرسان المسيحيين الآخرين يقترح على الأمم الأكثر اهتماما بنجاح هذه العملية النبيلة أن يعهدوا بموجب اتفاقية بأن يقدموا فرقا عسكرية من قواتهم البحرية و البرمائية التي دون أن تعرقل أية راية و دون أن ترتبط بالحروب أو بالأزمات السياسية للأمم تتولى بصورة دائمة بحراسة المتوسط و تعتني بمراقبة ،و توقيف و ملاحقة جميع القراصنة البر و البحر إن هذه السلطة المعترف بها و المحمية من طرف كافة الدول الأوروبية لا تعيد إلى التجارة أمنها فحسب لكنها ستقضي إلى تمدين السواحل الإفريقية بمنع السكان من مواصلة ممارسة القرصنة على حساب صناعتهم المنتجة و تجارتهم المشروعة .
و ستبدأ هذه القوة الحامية و العتيدة بحصار مشدد على القوات البحرية التابعة للقراصنة البرابرة حيث وجدت و بالتزامن مع ذلك ينبغي على سفراء جميع ملوك و دول المسيحية أن يساندوا بعضهم البعض بتبليغ الباب العالي العثماني بأنه لا يمكنه التملص من مسؤوليته الأعمال العدوانية التي يقوم بها رعاياه إذا تمادى في السماح إلى دولة بتوظيف العساكر في إفريقيا بدون أية جدوى بينما يمكن لهذه القوات أن تستخدم ضد أعدائه بدلا من أن تستخدم ضد القوات العظمى الأوروبية أصدقائه و المطالبة من الباب العالي أن يدين رسميا بهذه الأعمال و يمنع منعا حقيقيا الحروب التي يشنها القادة المتمردين على أوروبا .
و يمكن مثلا أن نحث الباب العالي العثماني على ترقية و محازاة الإنكشاريين و ربان السفن و غيرهم من رجال البحرية الجزائريين الذين يلبون نداء السلطان و بهذه الطريقة سيجد الداي نفسه معزولا و بدون وسائل دفاعية[46] و نفس هذا النفوذ يمكن أن يستخدم في تونس لاسيما و أن هذا البلد في حرب مع الجزائر التي يخشى منها الكثير و معلوم أن رئيس الحكومة التونسية يختلف تماما من حيث المزاج مع الداي الجزائر و هو على أتم الإستعداد للقيام طوعيا بكل ما يمكن أن يساهم في تدمين دولته و جلب الإزدهار لمملكته و ينبغي أن يكون السلم بين تونس و ساردينيا التي عانت كثيرا من جراء اختطاف رعاياها ينبغي أن يكون الحلقة الأولى من السلسلة و عليه لا ينبغي أن نهمل أي شيء لإقرار هذا السلم أما التفاصيل المتبقية فيمكن نتناولها، بعد أن يصادق الملوك على المبدأ و يمنحوا الثقة و الإذن المطلوبين لواضع هذا النص من أجل نجاح هذه العملية .
استلم و درس و صودق عليه بباريس _سبتمبر 1814
استلم و درس و صودق عليه بورينو _4أكتوبر 1814
استلم و درس و صودق عليه بفينا أثناء المؤتمر
الإمضاء : سدني سميث” [47].
رأى جول دي بولينياك jules de polignac مزايا كثيرة في مشروع سدني سمث (الذي سيصبح وزيرا لشارل العاشر و رئيسا للحكومة التي قررت الحملة 1830على الجزائر) ،إشتراك فرنسا في العمليات [48] الحربية كفيل بأن يصرف الفرنسيون عن أحزانهم القومية و يشبع حاجتهم للنشاط العسكري و المجد ,و في19يونية 1814 ،قدم بوليناك مذكرة عن الحملة المقترحة ضد دول المغرب نوه فيها بأن هذا العمل الحربي المشترك سيقدم للدول متنفسا لأسلحتها و حماستها الحربية و إلا مزقت الحرب أوروبا كما أن توجيه الحرب للجزائر يقدم لفرنسا فرصة إقامة منشئات هامة، و هي كما قال الوزير الفرنسي مرحلة في طريق الفرنسيين إلى الأرض التي حتى احتلوها ثم فقدوها و لا تزال تهفوا إيلها أطماعهم و هي مصر [49] .
لكن كلا المشرعين الأول مشروع فرسان القديس يوحنا و الثاني مشروع سدني سميث لم يقابلا في دوائر المؤتمر الرسمية بالإهتمام خاصة من جانب انجلترا التي اتجهت حولها الأنظار نتيجة تفوقها البحري في المتوسط و خروجها منتصرة من حروب نابليونية و رغبتها في تزعم العمل الأوروبي المشترك ،و هي لم تتضرر من عمليات القرصنة و لم تقاسي ما لم تقاسيه سفن الدول الأخرى حتى أنها لم يكن لها أي مصلحة راهنة في قضاء على دول المغرب ذكر لورد كاسلريه وزير خارجيتها إذ ذاك في مذكرة له لوزير الدنماركي أن وجود هذه النيابات أكثر فائدة لإنجلترا و أنه حين ينشأ معها نزاع تستطيع إنجلترا تسويته بالمال أو بنيل الترضية و زاد على ذلك أن تحطيم هذه النيابات سيؤدي الى أن تقوم على الشاطئ الإفريقي حكومات موالية لفرنسا و هذا ليس من صالح بريطانيا و لا من صالح تجارتها في البحر المتوسط[50] ،وهكذا توفقت السياسة الإنجليزية و الفرنسية إزاء المغرب و انتهى بوضع و بتوقيع على النص النهائي للمعاهدة النهائية L’acte Final لمؤتمر فينا يوم09يونيه 1815يقضي بالعمل على إلغاء القرصنة و استرقاق المسحيين في النيابات المغربية الثلاث كما صدر قرار بإلغاء تجارة الرقيق عامة ,و في أغسطس 1815 عينت الحكومة الفرنسية بيير دفال Piérre Deval قنصلا لها في الجزائر فقدم الهدايا التقليدية ووعد بتصفية ديون البكري [51].
الهـــــــــــــــــــــــــــــــوامش
[[1]]فلورينسا (سينين) Senén Florensa، باسولس (أندريو) Andreu Bassols ، الكتاب السنوي للبحر الابيض المتوسط المتوسطي ، يصدره المعهد الأوروبي للبحر الأبيض المتوسط دار فضاءات للنشر والتوزيع عمان شارع الملك حسين بجانب بنك الإسكان الأردن،2011، ص8.
[2]بوعزيز (يحي) ،علاقات الجزائر الخارجية مع دول و مماليك أوروبا 1830_1500 ،ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر ،ص . 09
ينظر كذلك :شقرون (الجيلالي)،العلاقات الديبلوماسية بين إيالة الجزائر و الولايات المتحدة الأمريكية1776- 1830،رسالة ماجستير في التاريخ الحديث و المعاصر ،جامعة وهران ، ص 3.
[3] القرصنة :اسمها الحقيقي حركة الجهاد البحري مشتقة من كلمة Couraires أي تسابق البحري و إن كانت قد أخذت من معنى كلمة Piraterie وكان يخرجون لملاقاة و لإستقبال سفن الوافدين و الدفاع عنها ينظر :
جلال (يحي)، المغرب الكبير في العصور الحديثة و هجوم و الاستعمار، د.ن.ع، بيروت، 1981،ص . 20للمزيد من التفاصيل حول موضوع القرصنة البحرية بداياتها تعريفاتها و تاثيراتها على منطقة العربية.ينظر:حسام الدين (بوعيسى)،القرصنة البحرية و تأثراتها على منطقة العربية ،أطروحة دكتوراه في العلوم السياسية و العلاقات الدولية ،جامعة باتنة ،2012-2013،ص ص 1-260.
[ 4]غلاب(عبد الكريم)،قراءة جديدة في تاريخ المغرب العربي”عصر الإمبراطورية العهد التركي في تونس والجزائر”،ج3،د.غ.إ،ص ص49-50.
[5] شويتام (ارزقي) ،دراسات ووثائق في تاريخ الجزائر العسكري و السياسي “الفترة العثمانية 1830_1519″، ط1،د.ك.ع ، الجزائر ، ،2010، ص . 77
[6] جلال (يحي) ، المغرب الكبير في العصور الحديثة و هجوم و الاستعمار، د.ن.ع، بيروت، 1981 ، ص . 48
[7] وولف (ج.ب.) ، الجزائر و أوروبا ، ترجمة سعدا لله أبو القاسم ، م.و.ك ، الجزائر ، 1986،ص . 142
[ 8] Belhamissi(Moulay), marine et marins d’alger) 1518_1830), T1,B.N.A, 1996 ,p 45.
[9] شويتام (أرزقي) ، دراسات و وثائق في تاريخ الجزائر العسكري و السياسي ، المرجع السابق ،ص 78.
[10]روجرز (ب.ج.) ، تاريخ العلاقات الإنجليزية المغربية حتى عام 1900م،ترجمة و دراسة و تعليق يونان لبيب رزق ،دار الثقافة ،دار البيضاء ،المغرب 1981،ص 78.
[11] ولف (جون بول)،الجزائر و اوروبا (1500-1830)، ترجمةوتعليق أبوالقاسم سعدالله،ع.م.ن.ت، الجزائر،1986.،ص374.
[12]شويتام (أرزقي) ،المرجع السابق ،ص ص 81 -82.
[13] شويتام (أرزقي) ، التنافس الدولي في البحر المتوسط خلال القرنيين 18و 19م و موقف الجزائر منه ، حولية المؤرخ ، العدد 3-4، الجزائر ، 2005،ص 173.
[14] سبنسر (وليم) ، الجزائر في عهد رياس البحر ،تعريب عبد القادر زبادية ، ا د.ق.ن، لجزائر ، 1980، ص . 156
[ 15] Bloy )Marjie( , ph.d., the congress of vienna, 1 november 1814 – 8 june 1815 senior research fellow, national university of singapore ,last modified 30 april 2002 http://www.victorianweb.org/history/forpol/vienna.html
بينما نجد حنيفي هلايلي يذكر أن مؤتمر انعقد في أواخر ديسمبر 1814الى أول يناير 1815م.
ينظر: هلايلي (حنيفي) ، العلاقات الجزائرية الأوروبية و نهاية الأيالة 1830_1815،ص . 13ويذكر مصدر آخر أنه دام من مؤتمر فينا من تشرين الأول 1814حتى حزيران1815،و كان غرضه إعادة تنظيم القارة الأوروبية التي قلب نابليون أوضاعها ،و عقد مدينة فينا عاصمة نمسا نتيجة دور الذي لعبته في حروب نابليون و ما كان لوزيرها مترنيخ من الأهمية بين رجال السياسة في ذلك العهد و قد قررت دول الكبرى الحليفة (انكلترا و روسيا و بروسيا و النمسا )أن تحل المشاكل الكبرى تحت اشرافها و أن تعرض الأمور التي يقررها سفراؤها على سائر الدول المحتلة في المؤتر فتقبل .ينظر : الفرنسيسكانيات (مريم) و مكاريوس (جبور ) ،عصر ماري دي لاباسيون ،تنقيح مايا الحاج ،تدقيق سمية قرة قلي ،مراجعة ماري عوده جبور ،لبنان ،2006.ص 39.
[16] هلايلي (حنيفي) ، العلاقات الجزائرية الأوروبية و نهاية الإيالة 1815_1830 ، ط1،د.ه ، الجزائر، 2007،ص. 13
[17] رنوفان (بيير) ، تاريخ العلاقات الدولية 1914_1815، تعريب جلال يحي ، د.م ،مصر ،ط2، 1971، ص . 48
[18] ألغي الرق بموجب اتفاقية 1794 و تم ترميمه من قبل نابليون بونابرت في 1802 م ،فمؤتمر فينا قرر فيه قوى العظمى الغاء الرقيق و لكا تركت لكل دولة تحديد الوقت الأنسب لغرض هذا التدبير “تجارة الرقيق” لذا كان موضوع عقدت فيه العديد من المعاهدات المبرمة من طرف دول الاوروبية التي حظرت المؤتمر أما فرنسا تمت الغاء الرق فعليا سنة 1848م :
lainé (Agnes), médecins africains et français a la cote d’afrique les raisons dimenon rencontre 1815-1873, C. R. A.chercheur assoucied, p 2.
[19]دسوقي (ناهد إبراهيم) ،دراسات في تاريخ إفريقيا الحديث و المعاصر ،د.م.ج ، ط1، الإسكندرية، 2008،ص . 20
[20]عزت عبد الكريم (أحمد) ،دراسات في تاريخ العرب الحديث ،د.ن.ع ،بيروت لبنان،ص . 326
[21] le Marchand (E), l’europe et la conquête d’alger d’après des document originaux titrés des archives de l’etat , perrin et cie , paris ,1913, p 21.
[22]جوليان(شارل أندري)،تاريخ لإفريقيا الشمالية”تونس ،الجزائر ،المغرب الأقصى”من الفتح الإسلامي إلى سنة 1830،المصدر السابق،ص . 371. ينظر كذلك:هلايلي (حنيفي) ،المرجع السابق ، ص. 11
[23] أروين (راي)،العلاقات الدبلوماسية بين دول المغرب و الولايات المتحدة 1816_1776،ترجمة اسماعيل العربي، ش.و.ن.ت،الجزائر، 1978.،ص . 270
[24] زوزو (عبد الحميد) ، ‹‹هدنة 1810م و معاهدة 1813م بين الجزائر و البرتغال ›› مجلة التاريخ ، العدد 11، جامعة الجزائر ، 1981، ص .25
[25] الزهار( احمد الشريف) ،مذكرات نقيب أشراف الجزائر، تحقيق احمد توفيق المدني ،ط2، ش.و.ن.ت ،الجزائر،1980، ص . 105
[26] التميمي (عبد الجليل) ، بحوث ووثائق في التاريخ المغربي “تونس ،الجزائر ، ليبيا “من 1816 الى 1871، (تقديم روبار منتران) ،ط1 ، د.ت.ن ،تونس ،1972.،ص .243
[27] زوزو (عبد الحميد) ، نصوص ووثائق في تاريخ الجزائر المعاصر (1900_1830)، م.و.ك، الجزائر ،1984، ص . 26
[28]محمد خسرو :تولى وزارة الحرب العثمانية مرتين ،الأولى من 1811الى 1817و الثانية من 1822الى 1826. ينظر:
هلايلي (حنيفي )، العلاقات الجزائرية الأوروبية ، المرجع السابق ، ص . 14
[29] التميمي( عبد الجليل) ، المرجع السابق ، ص . 234
[ 30] pavy (Mgr),‹‹la piraterie barbareque››,in R.A,N°2,1857,p:337.
[31] هلايلي (حنيفي )، المرجع السابق ، ص . 10
[32]زوزو (عبد الحميد) ، المرجع السابق ،ص .21
[33] Ben achenhou (A), l’état algérien en 1830″ses institution sous l’emir Abdelkader “, enag édition Réghaia Alger, 2009, p 31.
[34] البوعبدلي (المهدي) ،موقف المؤرخين الأجانب من تاريخ الجزائر عبر العصور ، مجلة الأصالة،العدد14 – 15 ،م.ب.ق،1973،ص 137
[ 35] Raynal (abbé G.T),histoire philosophique et politique des établissements et du commerce des européens dans septntrionale,T1, p,maurus et cie , paris,1826, pp 134-135.
[36] أروين (راي) ، العلاقات الديبلوماسية بين دول المغرب و الولايات المتحدة 1816_1776 ،المصدر السابق،ص ص 63_77.
[37] نفس المصدر،ص ص76-.77
[38] نايت بلقاسم (مولود قاسم)،شخصية الجزائر الدولية و هيبتها العالمية قبل سنة 1830 ،ج1، ج2 ، ط2 ،د.أ ،2007.، ص . 87
[39] هلايلي( حنيفي) ، العلاقات الجزائرية الأوروبية و نهاية الايالة 1830-1815, المرجع السابق ،ص 12.
ينظر كذلك : التميمي (عبد الجليل) ،بحوث و وثائق …، المرجع السابق, ص. 235
[40] جلال (يحي) ،تاريخ إفريقيا الحديث و المعاصر ،المكتب الجامعي الحديث ،الأزاريطة ،الإسكندرية ، 1999،ص . 199
[41] تابست (علي) ، ‹‹مذكرة سدني سميث ضد النشاط البحري لدول المغرب›› ، مجلة الدراسات التاريخية ، العدد 07، جامعة الجزائر، 1993،ص .167
[42]بعد وقت قصير من صدور النظام الأساسي للقرصنة جديد ،الذي اختلف اختلافا كبيرا عن قانون 1790 كما حدده قانون الأمم بالإضافة إلى الكونغرس الذي تناول مسألة ما إذا كان المواطن غير الولايات المتحدة يمكن أن يعاقب على عملية القرصنة في أعالي البحار ضد سفينة مملوكة للأجانب مع إدراج لغة قانونية لتنفيذ “يقدم مرتكبو هذه الإنتهاكات داخل أو وجدت في الولايات المتحدة و إذا أودين بالجريمة المزعومة يعاقب بالقتل “، أتهم سيدني سميث و هو عضو في طاقم سفينة مسلحة خاصة بالقرصنة “نهب و سرق ” سفينة اسبانية في أعالي البحار ،أدانت هيئة المحلفين حكم خاص أنه إذا نهب و سرق فيعاقب بناءا على قانون الصادر لعام 1819م هو المفوض للمؤتمر بممارسة السلطة الدستورية بما يخص موضوع و عمل القرصنة ستجد علاجا عالميا لجريمة القرصنة وفقا لقانون دول و هنا ممارسة جميع الدول في معاقبة جميع الأشخاص سواءا مواطنيين أجانب الذي ارتكبوا جريمة القرصنة ضد أي شخص على الإطلاق و مع الذين هم في وئام و دليل أن الجرم المفترض سيتوقف بناءا على قانون الأمم و هكذا قضت المحكمة العليا بأن عملا يعاقب جريمة القرصنة على النحو الذي حدده قانون الذي كان ضمن سلطة الدستورية للكونغرس إلى دول تحديد و معاقبة ثم لجوء إلى تعريف دقيق بموجب قانون الدولي “هو السطو على السفن في البحر عام 1820 ينظر :
chuck mason ( R),legislative attorney, piracy”a legal définition”,congression al research 7-5700 www.crs.grov r 41455,crs report for congress prepared for membres and committees of congress , 13 décembre 2010, pp 3,4.
[43] تابست (علي) ،‹‹مذكرة سدني سميث ضد النشاط البحري لدول المغرب›› المرجع السابق ،ص 168.
[44] تابست (علي) ،نفس لمرجع ،ص.169
[45] نفس المرجع ، ص .170
[46] نفس المرجع ، ص .171
[47] نفس المرجع ،ص .172
[48] عزت عبد الكريم (أحمد) ، دراسات في تاريخ العرب الحديث ، د.ن.ع،بيروت ،لبنان.،ص. 327
[49] نفس المرجع, ص . 328
[50] نفس المرجع ، ص . 328
[51] نفس المرجع ، ص . 329
لاتعلیق